تعريف:
يتكون هذا المفهوم من عبراتان، هما: العلاقات،والاشخاص؛ فالاشخاص جمع مفردها (شخص) بفتح العين، وتعني: "شخص الخصومة وعلاقة
الحب"؛ [الدوسري، 2005، (ص:25)].
والاشخاص تعني: جميع الصفات التي تُميِّز
الشخص عن غيره من الكائنات الاخره، وهذا يعني أن العلاقات الاشخاص عبارة عن جملة التفاعلات
بين الانسان، سواء كانت إيجابية؛ ومنها: الاحترام والتفاعل، أم سلبيَّة؛ ومنها التكبُّر
وحزن؛ [الحربي، 2007، (ص: 55)].
وفي هذا العدد يقول الحربي كذلك: إنَّ مصطلح
العلاقات الاشخصيه يطلق عليها بصفة عامة على جميع التفاعُلات بينا الاشخاص في جميع المجالات (الصناعة، التجارة، التعليم، والمجال
الاجتماعي والزراعه)، فيرتبط الناس بنظام معيَّن لتحقيق هدف محدد، وهذا ما يُطلَق عليه:
تنمية الوصول المُنتجة المُشعه للانسان.
وعرفها خالد بن حمدي الحميدي الحربي بأنها:
"أحد مجالات الإدارة التي تُعنى باندماج الاشخاص في مواقف العمل و المعيشه معًا
بطريقة تُحفِّزهم للعمل بأكثر إنتاجية و حرفيه مطلقه ، وتحقيق التعاون لإشباع حاجات
العاملين"؛ [الحربي، 2003، (ص: 7)].
أما بالنسبة لمفهوم العلاقات الشخصيه في
مجال التربية والتعليم، فقد ناقَشَه الكثير من التربويِّين؛ فمنهم من يرى أنها ميدان
من الإدارة يهدف إلى التكامل بين الاشخاص في محيط العمل بالشكل الذي يهدف إلى الإنتاج
والتعاون مع إشباع حالتهم النفسية والاجتماعية، و الماديه ومنهم مَن أوضح تعريف على أنها مأخوذة مِن ذات الناس،
وأنها أرض غويته الطبقات، خصبة، تتباين صورها من زمن لآخر، ومن مجتمع لآخر ومن دين
لاخر، كما عُرِّفت على أنها: سلوك مثالي بين الاستاذ أو المُشرف مع مَن تحت إشرافه؛
من حيث التعامل الحسنة بما يُحقِّق الأهداف المشتركة؛ [الحربي، 2007، (ص: 55- 56)].
ومن خلالاللمفاهيم التي تمَّ طرحه، يُمكن
تلخيص مفهوم العلاقات الشخصيه في ما يلي:
• إنها تركِّز على الاشخص باعتباره العنصر
الفعال، وحجر الأساس في بناء أي مجموعة.
• الدافع الأساسي والِحواَر الرئيسي للعلاقات
الشخصيه هو: تشجيع الناس، وإثارة دوافعهم وتشجيعهم.
• هدفها الأسمى هو: الاحتِرام وتبادل
الاراء بين الأفراد.
• تعمل على تحفيز الأفراد العاملين وزيادة
إنتاجيتهم في العمل.
• تهدف إلى امتلاء حاجات الأفراد، وكذلك إنجاز
أهداف الجماعه.
1- التصور القرآني للعلاقات الشخصيه:
يقول ابن خلدون في "مقدمته":
"إن الإنسان اجتماعي بطبعه احيانا"، وهذا يعني أن الشخص فُطر على العيش مع
الجماعة والتعامل مع الآخرين، فهو لا يقدران يعيش وحيدًا بمعزل بعيد عن الناس عنهم
مهما توفَّرت له سبل الراحة والرفاهية والماده، فهو بذلك يَنجح إلى تكوين علاقات وبناء
بين الاشخاص الروابط مع الناس؛ وذلك لتفعيل المصالح المشتركة؛ [ابن خلدون، د. س (ص:
32)]، وهذه جائت بها القرآن الكريم وبيَّن ظوهر، وما تزال الأيام تدل لنا صدقها ودقَّة
وصفِها للسلوك الاشخاص
فقد ظهر لنا القرآن الكريم أنَّ الناس مهما كثر انوعها
واشكلها فإن من واحد فقط جميعًا هو آدم عليه السلام؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ
اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا
وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ
بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء:1]، فالقرآن
يؤكد وحدة أصل الناس وصِلَة القربى بينهم، باعتبارهم إخوة يَنحدِرون من أصل واحد، وبعد
هذا بيَّن لنا القرآن كذلك -وفي سياق آخر- أن هذا الأصل تفرَّعت عنه الشعوب والقبائل،
وأن الهدف من هذا التنوع بين الناس هو الاتصال والتفاهم والتعاون؛ لقوله تعالى: ﴿ يَا
أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا
وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ
عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [الحجرات:13]، فالغاية التي جعل الله الناس لأجلها شعوبًا وقبائل-
كما تدلُّ الآية- ليست التناحُر والتنازُع، ولكنها التعاون والوئام، وأما اختلاف الألسنة
والألوان والطبائع والأخلاق، فتنوُّع لا يَقتضي النزاع والشقاق، بل يقتضي التعاون للنهوض
بجميع التكاليف والوفاء بجميع الحاجات؛ [عودة عبدالله، د. س، (ص: 289- 291